مقدمة عن سر جبل النار:
هل سمعت عن جبل النار الرهيب واسراره، السنة من النيران المتطايرة من كل حدب وصوب،
نيران مقدسة لم تخمد منذ اكثر من الفي عام قبل الميلاد،
انه جبل عظيم من النيران المشتعلة بشكل دائم ولا تنطفئ الى يومنا هذا،هي أقدم نار عرفتها البشرية عبر التاريخ،
حتى إنها تضيء وسط ثلوج الشتاء، هكذا عرفت نيران جبل باكو عاصمة أذربيجان ،
الذي ارتبط بالكثير من الروايات والأساطير القديمة، فما قصة هذا الجبل، ولماذا سميت ناره بالنار المقدسة؟
مكان تواجد جبل النار:
يتواجد جبل النار "Dag Yanar " بالتحديد في شبه جزيرة أبشرون على بحر قزوين بالقرب من باكو عاصمة أذربيجان.
وتنفث النيران في الهواء على ارتفاع 10 أمتار من طبقة رقيقة مسامية من الحجر الرملي.
سر اسم جبل النار المقدسة:
من قديم الزمن وأذربيجان معروفة بكونها غنية بمواردها الطبيعية، موارد لا محدودة ولا تنتهى،
فهى وتمتلك ارث ثقافى وحضاري فريد من نوعه، ومن الناحية التاريخية فإن الاسم أتى من الذين سكنوا المنطقة
وعبدوا النار لفترات طويلة، وكلمة “azer” تعني الفتى الشجاع، وكانت تطلق على حارس النار.
جبل النار في باكو هي مِن أقدم المواقع البشرية على وجه الأرض التي شهدت تطوراً وحياة
وبدأ الناس يسكنون فيها في تجمعات على شكل مستوطنات ساهمت في تقدم المنطقة ككل.
أذربيجان أرض النار حاضرة في الأذهان:
اثار باقيه من العصور القديمة، شواهد القبور، المخطوطات، وكل هذه الأمور مدلول على أن أذربيجان أرض النار
كانت أرض حضارة عريقة، ثم بدأت هذه الثقافة تتجدد مع الأوغوز الذين هاجروا لهذه المنطقة واستوطنوها
وغرسوا تقاليدهم كشجرة عملاقة ضاربة في عمق ارض النار، وليس هذا فقط بل ظهرت الملاحم الكبيرة التي عرِفت عنهم مثل:
كتابي ” Kitabi-Dede Gorgud “، كيروجلو ” Keroglu “، واسم الأوغوز ” Oguzname”،
وغيرها من الملاحم التاريخية.
وحين نخوض فى بعض اساطير ارض النار أذربيجان القديمة ستقرأ وتعرف أنك أينما سرت في أذربيجان
كان من المحتمل أن تنفجر تحت قدميك الأرض ويخرج اللهب، لا يسير الأمر هكذا الآن، فبعد أن حل الإسلام على تلك المنطقة
اختفت كثير من أساطير الديانة الزرادشتية، قليل من بقوا متمسكين بها، بينما الغالبية تحولوا للإسلام
ولم يبق هناك مِن عبدة النار إلا فئة قليلة ويهاجرون للهند.
أيضاً بقيت المنطقة معروفة وعلى الألسن بسبب ماركو بولو أحد الرحالة الذين تحدثوا عن ظواهر غامضة
في مناطق مروا عليها، وكانت هذه المنطقة أذربيجان، تناهى إلى سمعه عبر الرحالة أنها أرض النار والأرض المحترقة
فسافر إليها العديد من الرحاله وكتب عنها وعن الدين الذي يقدس هذه النار.
فالزرادشتية القديمة تعتقد أن النار هي البصيرة الروحية، وهي وسيلة التواصل بين البشر والعالم الخارق،
وأنها أهم عناصر استمرار الحياة والعبادة، ومازال المصلون وتابعوا هذه الديانة يأتون إلى المعبد
ليقيموا الصلوات فيه من حين لاخر حسب معتقداتهم.
حقيقة سبب اشتعال جبل النار باستمرار:
يرجع سر وصف نار جبل باكو بالمقدسة، وفقا للثقافة السائدة قديما من عبدة النار قبل الفتح الإسلامي كما اوضحنا بعاليه،
لذلك ارتبط الجبل بالعديد من القصص والأساطير الخرافية، التي يرويها السكان المحليون حتى الآن،
ولكن بعد التقدم التكنولوجي والعلمي، تبين أن سر اشتعال النار المستمر يعود إلى وجود حقول الغاز والبترول بداخل الجبل،
مما يجعل النار مستعرة دائماً لا تخمد ولا تنطفيئ ابداً فالجبل يقبع فوق أرض نفطية ذات تركيبة حجرية غير متناسقة
أدت إلى ظهور كميات من مواد النفط الخام والغاز الطبيعي
ويعتقد أن الموارد الطبيعية وبسبب تسربها من بين الصخور السريعة الأشتعال، اندلعت فيها النار منذ العصور القديمة
وأصبحت مستمرة حتى غطتها الثلوج والأمطار تظل مشتعلة بدون توقف.
زيارة جبل النار وجمال الانوار:
جبل النار يعد مقصد سياحي رائع يقصده السياح من مختلف أنحاء العالم،
ويمكن للزائر الاستمتاع بالعروض الفنية والموسيقية، وكذلك التقاط الصور للجبل والنار الملتهبة و للمدينة من اعلى،
وشراء الهدايا التذكارية والقطع الحجرية المنقوشة، كما يضم الجبل عدداً من ينابيع المياه الساخنة،
التي يستخدمها السكان منذ القدم لأغراض علاجية جسدية.
اهم مزارات جبل النار:
هناك العديد من المزارات والانشطة التى يمكن القيام بها اثناء زيارة جبل النار مثل:
- الاستمتاع بالعديد من المناظر الطبيعية الرائعه، مثل المراعي الخضراء المتدحرجة المطلة على باكو من الجنوب،
وشواطئ بحر قزوين إلى الشمال، ومشاهدة النار التي لا تنطفئ حتى في الشتاء والثلوج،
وعندما يبدأ الظلام، فإن ضجيج ودفء نيران الجبل ستجعلك مفتونًا بجمالها وروعتها.
- الجلوس في مقهى قريب موجود فوق قمة الجبل ومشاهدة الجدار الناري الذي يبلغ طوله نحو 10 أمتار،
والذي يكون في أروع حالاته في الليل، والاستمتاع بهذا المشهد النادر.
- الحصول على جلسات العلاج في مياه الينابيع والاسترخاء، حيث تشتهر المنطقة
بوجود عدد من الينابيع وعيون المياه الساخنة العلاجية لامراض كثيرة جسدية جلدية عظمية.
- مشاهدة الحفلات الموسيقية والعروض الفنية التقليدية التي يشتهر بها المكان،
والاستمتاع بصوت العزف على الآلات التقليدية الكلاسيكيه.
معبد جبل النار:
معبد جبل النار في باكو من أهم معالم الدولة السياحية التي تدل على أن أذربيجان هي أرض النار
ومدى تمسكهم بما تبقى من أساطير الزرادشتية وستجد في المعبد هناك شعلة لاتنطفيئ مستمرة الاشتعال بلهباً أبدياً آتياً
من باطن الأرض واعماقها.
وطبقاً للسجلات البيزنطية، فإن المنطقة شهدت حرائق متواصلة بسبب طبيعة الأرض النارية البترولية
لتواجد ضغط يتسبب في إحداث شقوق واشتعال الغاز المتسرب لتستمر الشعلة في الاحتراق مع استمرار تدفق الوقود لها طبيعيا
من باطن الارض النارية الجبلية.
ويعتقد من بنى المعبد أن ألههم يسكن بالمعبد، هذا المعبد الذي بناه الهنود في باكو منذ القرن السابع عشر والثامن عشر
ليقيموا طقوس النار فيه، والمبنى الرئيسي في المعبد عبارة عن ضريح تعلوه قبة يعتمد اشتعال النار فيها على تنفيس الغاز.
ويمكننا التوضيح اكثر انها كانت كذلك إلى أن اهتمت سلطات الدولة بمخزون الغاز وللحفاظ على ضغطه داخل الأرض
قامت بتغذية الشعلة مِن مصدر الغاز الرئيسي في باكو وإضاءتها فقط عند قدوم الزائرين،
لكن بقي المكان معبداً هندوسياً مرتبطاً بالزرادشتية بالاصل قبل أن يتم استخدامه كمتحف
في المعبد للسياح تتواجد الغرف التي كانت تستقبل الزائرين الذين كانت تبرعاتهم مصدراً حيوياً
لدخل السياحه للدولة في هذه المنطقة.
وحتى اليوم فالمتحف يستقبل بعض الزائرين الذين يؤدون الصلوات تقديساً للنار حسب معتقداتهم،
إلا أنه يستقبل أكثر من ثلاثون الف زائر سنوياً، بعد ان فقد تم تسجيله في اليونسكو كموقع تراثي سياحي عام 1998 ميلادي،
بعد أن كان قد افتتح كمتحف في عام 1975 ميلادي.
مستقبل جبل النار:
تحاول دولة أذربيجان الحفاظ على ما فيها بإنشاء محميات طبيعية مثل: شيرفان Shirvan)) وأوجول (Aggol)
وغيرها مِن المحميات الطبيعية.
واستغلت الدولة ما فيها من ثروات بإنشاء صناعات محلية تعزز الاقتصاد الأذربيجاني،
أما أذربيجان أرض النار فهي الجسد الذي يتدفق في عروقه النفط والغاز، تحيا بهما منذ القدم.
فى الوقت الراهن لم تعد مصادر أذربيجان قائمة على الدخل القادم من حجاج النار والمعابد،
بل ساهم العلم في تغيير نظرة الناس لهذه الثروات الطبيعية، بدلاً من النظر لها أنها آلهة تسكن الأرض
أصبحوا ينظرون لها على أنها غاز وثروة كبيرة طبيعية ويجب عليهم الحفاظ عليه، واستخدام المواد الطبيعية الأخرى
كأدوية من الأمراض وتعزيز السياحة الطبية في أذربيجان، وبهذا استطاعت أذربيجان تحويله من عامل يُستهلك بشكل يومي
إلى عنصر مُنتج وتحويل جبل النار لمزار سياحي علاجي رائع.